الخميس، 26 مارس 2009

بعض الرؤساء لم يقرؤوا قصة الراعي الكذاب


بعض الرؤساء لم يقرؤوا قصة الراعي الكذاب.

في كتاب القراءة للصف الثالث الابتدائي ، كان عندنا قصة ،خلاصتها أن راعيا وقف يوما ، فوق تل مشرف على القرية ، ومن ورائه المراعي الخضراء ، وأخذ ينادي بأعلى صوته ، مستغيثا من ذئاب تهاجم القطيع ، فترك أهل القرية أشغالهم وحملوا فؤوسهم ، وركضوا لنجدة الراعي ونجدة أغنامهم التي في عهدته ، ولما وصلوا ، وجدوه مستغرقا في الضحك على ما فعله بهم ، وكرر فعلته غير مرة ، وفي يوم جاءه فعلا قطيع من الذئاب فجعل يصرخ ويستغيث ، ولكن أحدا من أهل القرية لم ينجده ، فقد سبق أن سموه الراعي الكذاب .

بعض الرؤساء لم يقرؤوا هذه القصة ، قلم تصلهم الموعظة ، منهم رؤساء دول عظمى ، ودول صغرى ، وبين العظمى والصغرى دول متمعظمة ( إن صح التصريف) .

الرئيس بوش مثلا ، بعد أن انفضحت بعض أكاذيبه ، لم يعد معظم شعبه يصدقه ، فكان التحول نحو الحزب الآخر في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ، بالإضافة إلى ذلك سارع بعض أركانه ، إلى تكذيب فريته الفاضحة ، باتهام إيران تقديم أسلحة للمتمردين في العراق ، ليسقطوا بها طائراته ، ويقتلوا جنوده ، فلا طائراته تسقط بنيران وكلاء طهران ، ولا جنوده يقتلون على أيديهم ، بل العكس هو الصحيح ، إذ يحرم قتال الأمريكان عند وكلاء طهران ، بينما يحل ذبح غيرهم .
البعض يتصور أن هذه الأكذوبة خطوة في التهويل وتبرير الحشود ، لحرب قادمة مع إيران ، والبعض يقول أن السيد بوش يقدم خدمة لإيران ، بتحسين صورتها ، في عيون أبناء المنطقة ، انطلاقا من نظرية عدو عدوك صديقك ، بعدما انكشف مشروع إيران الخاص .
مهما تكن دوافع الكذب عند السيد بوش ـ و كلها مدانة ـ فقد يجد البعض عذرا له ، فالتراث الأمريكي يعظم رعاة البقر (الكاوبوي) ، الذين يعملون بشكل جماعي ، و أسلحتهم معهم ، ويحقر راعي الأغنام ، الذي يعمل بشكل منفرد .

الرئيس نجاد مازال يشنف الآذان ، بمناسبة و غير مناسبة ، أنه سيزيل إسرائيل من الخريطة ، مدغدغا مشاعر أبناء المنطقة ، الذين يعيشون قمع واستبداد الأنظمة الديكتاتورية ، التي وعدتهم بالصمود والتصدي ، قرابة نصف قرن ، فلم يجدوا منها غير الصمود على كراسيهم ، والتصدي لكل مواطن حر شريف ، وفي الوقت نفسه يمضي السيد نجاد في تحقيق المشروع الإيراني ، الذي ترقص إسرائيل طربا على أنغامه ، في العراق ولبنان وفلسطين و سوريا .
وأثناء العزف المنفرد الصاخب ، على وتر إزالة إسرائيل من الوجود ، وبعد المسابقة العالمية التي أقامها للرسوم الكاريكاتيرية إنكارا للمحرقة اليهودية المزعومة ، لم تعترض دولنه في الجمعية العمومية للأمم المتحدة على قرار تجريم من ينكر الهولوكوست .
قد يجد البعض عذرا للسيد نجاد من كلماته ، فهو من قال عن نفسه أنه مجرد بوق ناقل لما يقرره أصحاب القرار ، وقد يقول قائل أن قصة الراعي الكذاب كتبت باللغة العربية ، وهو يقرأ الفارسية ، وإن كنت أظن وجود نظائر لقصة الراعي الكذاب في كتاب كليلة ودمنة .

جلالة الرئيس السوري ، يوم اعتلى العرش ، وعد الشعب أن يفرش له دروب الحياة ، بورود وأزهار الحرية والديموقراطية ، ووعد بتبييض السجون من المعتقلين السياسيين والمفكرين ، ومعتقلي الرأي ، واستبشر الناس خيرا يوم أعلن عن تحويل سجن المزة إلى متحف ، ووعد بإصدار قانون جديد للأحزاب لفتح المجال أمام التعددية الحزبية ، وإلغاء المادة الدستورية القاضية بأن حزب البعث هو قائد المجتمع والدولة ، ووعد بأن لا تكون هناك عملية استفتاء على الرئاسة في الولاية الثانية ، بل سيكون هناك متنافسون متعددون على الرئاسة .
وعد ... ووعد ... و وعد !!!!!! ، غير أن أيا من هذه الوعود لم يتحقق إلا عكسها ، فازداد القمع ، وتعاظمت الديكتاتورية ، و زاد عدد المعتقلين السياسيين والمفكرين و معتقلي الرأي ، و ازداد طغيان الأجهزة الأمنية ليتجاوز حدود الدولة إلى جيرانها ، وازداد التهجير والحرمان من الحقوق المدنية ، وإمعانا في قهر الشعب المسكين ، تم تكريس قيادة الحزب للمجتمع والدولة ، واختزل الحزب بشخص جلالة الرئيس ، و هاهو الاستحقاق الرئاسي للولاية الثانية على الأبواب ، ولم تحمل الأرحام بعد ، قانون الأحزاب ولا التعددية الحزبية ، ولا يوجد هناك انتخاب ولا مرشحون .

لو كنت أمريكيا ، لربما استطعت أن أصدق بعض أعذار السيد بوش ، الذي وصل إلى الرئاسة بعد اعتلاء جلالة الرئيس السوري العرش بستة أشهر ، واستطاع خلال فترة رئاسية واحدة احتلال دولتين من وراء البحار.
ولو كنت فارسيا ، لربما تغاضيت عن صوت البوق ، وفكرت بسؤال نافخ البوق ، وربما تغاضيت أمام التعاظم في بناء دولة نووية ، لصالح الإمبراطورية الفارسية .
ولكني مواطن سوري ، وقد بذلت جهدي فلم أجد عذرا واحدا لجلالة الرئيس المناضل ، فنحن درسنا في بلد واحد ، والمفروض أننا درسنا نفس المناهج ، إلا إذا كان نظام الصمود و التصدي قد غير المناهج ، بعد انتهائي من المرحلة الابتدائية ، قبل ولادة جلالته ،إمعانا في تفريغ المواطن منذ طفولته من أي قيمة أخلاقية إنسانية .

لو قدر لي أن أعيد صياغة قصة الراعي الكذاب ، لختمتها بالحزن الشديد لأهل القرية على خرافهم التي نهشتها الذئاب ، وبالندم الأشد لأنهم لم يغيروا راعي أغنامهم يوم عرفوه كذابا .

جراثيم القوة

يقول الأطباء أن الجراثيم موجودة في ذرات الهواء بشكل عام ، فإذا ما وجدت البيئة الحاضنة ، وضعفا في جهاز المناعة ، انقضت هذه الجراثيم ، لتمارس حرفتها في غزو الأجسام الضعيفة ، فتظهر أعراض المرض ، من البسيط الذي لا يحتاج دواءا ، إلى المرض العضال أو القاتل الفتاك .

و لا تختلف جراثيم القوة ، عن شبيهتها العضوية ، في غزو الأنفس إذا ضعف جهاز المناعة ، ووجدت البيئة الحاضنة ، إلا أنها أشد فتكا وتنكيلا ، فآثارها لا تتوقف عند شخص المريض وحده ، بل تكون وبالا على المحيط الاجتماعي بعمومه ، و إذا كانت الأبحاث العلمية قد اكتشفت أدوية ومضادات لمعظم الجراثيم العضوية ، فإن جراثيم القوة أشبه بالورم الخبيث ، ليس له دواء إلا قليلا ، بشرط اكتشافه مبكرا ، وغالبا ما يكون استئصال الورم جزءا من العلاج .

جراثيم القوة الثلاثة ، السلطان والمال والشهرة العلمية ، تندرج تحتها آلاف الصور المتشابهة ، كتشابه أنواع الزكام والأنفلونزا ، بما فيها انفلونزا الطيور من الدجاج إلى الصقور .

جرثومة السلطة والجبروت والطغيان ، فاقعة اللون معروفة منذ بدء الخليقة ، ولكنها أكثر وضوحا في نمرود سيدنا إبراهيم عليه السلام ، وفرعون سيدنا موسى عليه السلام ، والبيئة الحاضنة لجرثومة نمرود وفرعون ومن كان على شاكلتهما ، إنما هي قوة وسلطان و استخفاف بعقول رعية من العبيد السذج ، بدون رادع أو وازع أو معارض ، ولما ظهر المعارض الحكيم ، يحمل مشروعا متكاملا أساسه العدل والحرية ، تمت معالجة تلك الجرثومة بالاستئصال التام ، و ما تفتأ البشرية تفرخ النماريد ( إذا صحت صيغة الجمع ) والفراعين ولكن بصورة ممسوخة إلى حد ما ، فنمرود وفرعون كان عندهما بقية من حرية وديموقراطية ، فسمحا لمعارضيهما بالحوار والنقاش والمناظرة ، وقد استشار فرعون وزيره و علماءه من السحرة قبل قبول التحدي ، أما نماريد اليوم وفراعينها ، فقيمة الحرية عندهم دون الصفر المطلق ، إذ ينكرون وجود المعارضين من أساسهم ، أما الديموقراطية عندهم فحدث ولا حرج ، ولو أن أفلاظون عرف بما سيبتكره هؤلاء النماريد والفراعين من أشكال للديموقراطية لمات كمدا قبل أن يفكر بالتنظير لها .

الصورة الجلية لجرثزمة المال هو قارون ، الذي أعطاه الله من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة ، فقضت عليه جرثومة المال عندما توهم أنه أوتي تلكم الكنوز على علم عنده ، وبيئة جرثومة المال عند قارون كما في العصر الحالي إنما هي ثروات ضخمة مقابل فقر وعوز وحاجة وضعف في النفوس تتمنى ما كان لقارون وفصيلته ، وكم فقد الناس من أعزاء على قلوبهم بعد أن فتح الله عليهم من فضله ، فغيروا طريقة معيشتهم وهم ينظرون إلى الناس ( أصدقاء الأمس) على أنهم كتل من الغباء المتحرك ، ذلك أنهم بقوا على حالهم المستور طول العمر ، في الوقت الذي استخدم فيها (القوارين ) عبقرياتهم في جمع تلك الثروات ..

و إذا كان الوصول إلى السلطة أوالمال ليس أمرا ميسورا ، بل قد يجد من يرومه من دونه خرط القتاد ، فإن العلم ( ويدخل ضمنه كل أنواع المعرفة العلمية والإنسانية والفنية ... ) قد اصبح سهلا ميسورا ، ورأسماله بسيط متوفر في الغالب ، مسحة من ذكاء وعقل ، و همة عالية على متابعة الدرس والحفظ ودخول المختبرات والأبحاث والكتب والصحف والندوات والمعارض والمتاحف .....، وأحيانا موهبة فنية كالغناء والتمثيل .
قد ينتهي الأمر بالمصابين من علماء العلوم العلمية كالطب والفيزياء والكيمياء والفلك ....، إلى الجنون أو العزلة ، فتكون المصيبة فردية هينة ، و لكنه غالبا ما يقود ألى اختراع وسائل الفناء والقتل ، تحقيقا للعظمة والشهرة والمال ، أما في العلوم الانسانية كالآداب والفنون والقانون والعلوم الدينية ، فالمصيبة ليس لها حدود ، فمن أصيب بهذه الجرثومة ، رأى الناس من حوله أصفارا في العلم والمعرفة ، وبدأ التنظير ، فإذا صادف بيئة حاضنة من الجهل والتخلف ، ادعى فيهم النبوة و قد يخترع مكانا فوق الأنبياء ودون الإله ، وأحيانا يجاوزه فيصدر صكوك الغفران ، ويوزع بطاقات الدخول إلى الجنة والنار .

البيئة الحاضنة لكل جراثيم القوة ، هي نفس مريضة تظن أن كل عقول البشر اختزلت في عقلها ، و حكمة الإله سكنت في جنبها ، ورعية من العبيد السذج ، يستخف بهم وبعقولهم ، فيهزون رؤوسهم بالموافقة والطاعة .
إذا كان العلاج أشبه بعلاج السرطان ، فالوقاية ودرهمها خير من قنطار علاج ، هي عدل تقوم عليه قوانين المجتمع ، وصك حرية لكل مولود قبل إصدار شهادة الميلاد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتخابات الأنظمة الديكتاتورية ليست مسرحيات


انتخابات الأنظمة الديكتاتورية ليست مسرحيات

تصر الأنظمة الشمولية ، وما كان في حكمها من دول ديكتاتورية متنكرة ببرقع الديموقراطية ، على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر ، وتحشد له إعلاما حكوميا ضخما ، وتروج لحملات مرشحيها الدعائية على كل الأصعدة المحلية ، فإذا مررت بحي بسيط من أحياء أي مدينة أو بلدة أو قرية ، وجدت آلاف الصور والإعلانات والدعايات للمرشحين المقرر نجاحهم مسبقا ، ورأيت أفراد الحزب الحاكم منهمكين بالمرور إلى البيوت والمحلات والمصانع والمزارع والغابات والكهوف والشطآن ورؤوس الجبال ، يذكرون الناس بيوم الانتخاب ، و كأنهم يذكرون بيوم الحساب ، ويذكرونهم بمرشح الحزب الحاكم في منطقتهم ، و يسوقون له ، ويزينون أخلاقه وسلوكه وتصرفاته ( حيث لا برنامج له)، حتى يخال المراقب ، أن الحزب الحاكم يخشى من الهزيمة في هذه الانتخابات ، مع العلم أنها محسومة سلفا بحكم الدستور في بعض البلدان ، و بحكم البلطجة في بلدان أخرى ، وبحكم البوليس في غيرها ، وأحيانا تجتمع كل هذه ( الحكميات ) في بلد واحد ، والجميع يعلم مسبقا من هو الفائز ، وكذلك الاستفتاءات التي تجري على الولاية التالية للرئيس، الذي ينافس نفسه للمرة (؟؟؟؟) التي لا يوقف عدّادَها إلا الموت ، على غرار ما حصل في سوريا الأسد ومصر الناصرية ، أو ما هو متوقع في ليبيا و مصر الحديثة وتونس وغيرها ، أو انقلاب عسكري على غرار موريتانيا ، أو بالطريقة الحديثة جدا ، وهي الاجتياح العسكري الخارجي ، على غرار ما حدث في العراق ، وما يمكن أن يحدث في بلدان أخرى مثل السودان ...
وقد لفت انتباهي المقابلات التلفزيونية التي أجرتها معظم المحطات الفضائية ، مع شخصيات سياسية معارضة ، أو مواطنين عاديين في الشارع ، قبيل الاستفتاء الأخير على تعديل بعض فقرات الدستور في مصر ، ففي معظم هذه المقابلات ، تجد أن المواطن يحمل كمّاً لا حدود له من الانتقادات والمعارضة لما هو مطروح على الاستفتاء ، وللحزب الحاكم و منهجه وبرامجه وديكتاتوريته ، وعندما يسأله الصحفي في نهاية المقابلة ، عن توقعاته حول النتيجة ، يجيب ببساطة ...، أنه يتوقع فوز هذا التعديل المقترح في الاستفتاء!!!..
نظرة متأنية في هذه المقابلات التلفزيونية التي جرت ، وفي نتيجة الاستفتاء الذي حصل ، تقود إلى الإجابة ، عن مغزى إجراء انتخابات نيابية مسبقة النتيجة ، وعن حكمة تكرار الاستفتاء على شخص الرئيس الأوحد ، أو القائد إلى الأبد ، فالمطلوب هو وصول المواطن ، إلى اليأس الكامل من أي تغيير أو تعديل أو تصحيح ، على غرار ما حصل لأشقائنا المصريين .
الانتخابات النيابية ، والاستفتاءات المتكررة على ولاية الرئيس التالية ، ليست مجرد مسرحيات هزلية كما يصورها كثير من النقاد ، سواء كانوا من قيادات الجماعات و الأحزاب المعارضة ، أو كتابهم أو ناشطي منظمات المجتمع المدني ، أو المواطنين العاديين ، بل هي عمل ممنهج جاد ، يراد منه غرس اليأس في نفس المواطن ، لينمو شيئا فشيئا ، حتى يصبح ثمرة كاملة النضج لاستعباده من الأعماق ، فيسهل قياده بالاتجاه الذي تريده تلك الأنظمة ، دون حاجة إلى التدخل بجبروتها وعساكرها .
وما هذه الانتخابات والاستفتاءات مسبقة النتائج ، إلا حلقة في سلسلة طويلة من منهج الاستعباد والإذلال ، بداية بأزمة الخبز المفتعلة ، التي جعلتنا نقف أمام المخابز ساعات طوالا كل صباح ، لنحصل في النهاية على بضعة أرغفة ، ومرورا بالجمعيات الاستهلاكية وتحديد كمية الرز والسكر والزيت والصابون ، المسموح للمواطن استهلاكها في الشهر الواحد ، في حين تتوفر المشروبات الكحولية بالبراميل بدون بطاقة تموينية ، حتى تجد أن حرص المواطن على بطاقته التموينية، أكثر من حرصه على هويته ، وصولا إلى إلزام العساكر وموظفي الدولة ، بالمشاركة في الانتخابات تحت إشراف رؤسائهم ... وتكميم أفواه الناقدين ، وإلباس المعارضين طاقية الإخفاء ... و إخفاء الصناديق الأصلية ، ثم إظهارها على طريقة الساحر الذي يدخل الأرنب في القبعة ، ليخرجه حمامة ترفرف بجناحيها ، كل هذا وأمثاله ، برامج جادة مدروسة ، لتصل بالمواطن في نهاية نفق القهر الذي يساق فيه مطأطأ الرأس ، إلى أن يعمل بالتحريك الذاتي ، فينفذ ما تريده هذه الأنظمة الديكتاتورية ، طوعا قبل أن يطلب منه ذلك دون نقاش أو تفكير .
أحزاب المعارضة و شخصياتها المستقلة والكتاب والمفكرون والمواطنون الأحرار ، مطالبون بالكف عن النظر إلى انتخابات الأنظمة الشمولية الديكتاتورية ، على أنها مجرد مسرحيات هزلية ، وأن يفكروا في مشروع وطني فكري جاد يعيد الثقة للمواطن بنفسه ، و بقدرته على التغيير ، و أن تتحول عن سلبيتها في مقاطعة الانتخابات و الاستفتاءات ، فالمقاطعة لا تجدي فتيلا ، حيث لا تنص الدساتير المعروفة على بطلان الانتخابات أو الاستفتاءات ، مهما تدنت نسبة المنتخبين أو المقترعين .
العمل الإيجابي من وجهة نظري ، يكمن في المشاركة بزخم شديد ، و أن يتم دعم واختيار الأفضل بين المرشحين المستقلين أو مرشحي المعارضة ( إن سمح لهم) ، و إقناع المواطن بأهمية صوته الرافض للخطأ ، الرافض للديكتاتورية ، الرافض للعبودية ، وأن عليه أن يشارك في الانتخابات ، ليختار الأفضل بين المرشحين ، فإن لم يجد الأفضل فمن المناسب أن يختار الأقل سوءا ، وأن يُقبل بجرأة على الاستفتاء ، فيقول كلمته في إعادة تنصيب الرئيس ، ليبرأ إلى الله ، ثم الأجيال القادمة ، أنه بذل الجهد المستطاع في التغيير السلمي نحو الأفضل.